زيارة رئيس وزراء الهند إلى مصر: تعزيز العلاقات الاستراتيجية التاريخية بين البلدين
تعد زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، للقاهرة، يوم السبت 24 يونيو، والتي جاءت بدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، تتويجاً للعلاقات القوية التي تربط بين شعبي البلدين.
واستقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم في قصر الاتحادية رئيس وزراء الهند، ناريندرا مودي، صرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الزعيمين عقدا مباحثات على مستوى القمة أكدا خلالها تميز العلاقات التاريخية المشتركة بين البلدين الصديقين، والالتزام المتبادل بالوصول بها إلى آفاق أرحب في مختلف المجالات.
كما تناول اللقاء مناقشة سبل تعزيز العلاقات الثنائية المشتركة في العديد من المجالات، خاصةً الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والصناعات الدوائية والأمصال واللقاحات، والتعليم العالي، والطاقة الجديدة والمتجددة بما في ذلك الهيدروجين الأخضر، والسياحة والثقافة من خلال تسيير رحلات الطيران المباشر بين القاهرة ونيودلهي، فضلًا عن تعظيم حجم التبادل التجاري وتبادل السلع الاستراتيجية بين البلدين، وكذلك تنمية الاستثمارات الهندية في مصر خلال المرحلة المقبلة.
وتم أيضاً تبادل وجهات النظر بشأن تطورات عدد من الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، حيث وجه رئيس الوزراء الهندي الدعوة للرئيس المصري للمشاركة في أعمال القمة المقبلة لمجموعة العشرين بنيودلهي تحت الرئاسة الهندية، في حين أعرب الرئيس السيسي عن ثقة مصر في رئاسة هندية نشطة لمجموعة العشرين تسهم في احتواء التداعيات السلبية للتحديات الدولية على الاقتصاد العالمي، مؤكداً استعداد مصر الكامل للتعاون مع الرئاسة الهندية لدفع المحادثات في الاتجاه البناء، وبما يتيح التوصل للطرق المثلى في التعامل مع أزمات الطاقة، وتغير المناخ، ونقص الغذاء، والحصول على التمويل للدول النامية.
وأضاف المتحدث الرسمي أن الزعيمين قاما عقب انتهاء المباحثات بالتوقيع على الإعلان المشترك لرفع العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، بما يعكس التراث الحضاري المشترك والممتد بين مصر والهند على المستويين الرسمي والشعبي، بالإضافة إلى توافر الإرادة المتبادلة بين البلدين الصديقين للارتقاء بالعلاقات الثنائية.
وقام الرئيس المصري بتقليد رئيس الوزراء الهندي بقلادة النيل، التي تمثل أرفع الأوسمة المصرية، وأعظمها شأناً وقدراً. وقد أبرزت الزيارة التي قام بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الهند، التقارب التاريخي بين البلدين، كما عكست توجه مصر لتوطيد العلاقات مع دول الشرق فى ظل انشغال العالم بالأزمة الروسية الأوكرانية، كما أن هذه الزيارة التي بدأت في أواخر شهر يناير الماضي، أكدت على الأهمية الكبرى في تاريخ العلاقات بين البلدين.
وجاءت الزيارة حينها تزامناً مع احتفال البلدين بمرور 75 عامًا من العلاقات الدبلوماسية بينهما، فضلاً عن احتفالات العاصمة الهندية” نيودلهى” بيوم الجمهورية، وهو اليوم الوطني للهند الذي أعلنت فيه الهند استقلالها عن بريطانيا وبدأ فيه العمل بدستور جمهورية الهند عام 1950، ومر عليه 74 عاماً، ولعل اختيار نيودلهي للرئيس السيسي كضيف شرف لهذه الاحتفالات، إنما يأتي كرغبة حقيقية فى استعادة الروابط التاريخية وعلاقات الصداقة القديمة مع القاهرة وكذا إعطاء دفعة جديدة للعلاقات الثنائية والاستفادة من قوة مصر وتأثيرها فى محيطها العربى والأفريقى، فيما اعتبرها محللون بأنها زيارة عبرت عن الرغبة الملحة من قبل الجانبين في إعادة تفعيل “حركة عدم الانحياز” التي ساهم كلا الطرفين في تأسيسها من أجل مواجهة قوى الاستعمار، في منتصف القرن الماضي، أما حديثاً فتأتي هذه الرغبة من أجل مواجهة أخرى تتمثل في مواجهة الاستقطابات الدولية الراهنة وحاجة العالم الملحة إلى تحقيق ودعم السلام والاستقرار.
ومن أبرز نتائج زيارة الرئيس السيسي للهند :
– اتفاق الجانبين على الارتقاء بعلاقاتهما إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.
– توثيق التعاون السياسي والأمني، وتعميق المشاركة الاقتصادية، وتقوية التعاون العلمي والأكاديمي، فضلاً عن توسيع الاتصالات الثقافية والشعبية.
– دعوة مجتمع الأعمال الهندي لاستكشاف فرص الأعمال الجديدة والناشئة في مصر بالعديد من القطاعات الاستثمارية.
– إمكانية تحقيق هدف وصول حجم التجارة الثنائية إلى 12 مليار دولار أمريكي في غضون السنوات الخمس المقبلة، من خلال تنويع سلة التجارة والتركيز على القيمة المضافة.
– تفكير الجانب المصري في إمكانية تخصيص مساحة أرض خاصة للصناعات الهندية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
– تعزيز التعاون الثنائي في مجالات بناء القدرات وتبادل الخبرات في المجالات التنموية في ضوء نجاح التجربة المصرية في تنمية المناطق الريفية في إطار مشروع “حياة كريمة“، وكذلك تجربة الهند في استخدام التكنولوجيا لمُكافحة الفقر.
– التعاون في تجارة السلع الاستراتيجية والمطلوبة لتحقيق الأمن الغذائي بحيثُ تستطيع الدولتان احتواء تداعيات أزمة الغذاء العالمية.
– العمل على تعميق التعاون في مجال الزراعة والخدمات المُرتبطة بها.
-توسيع التعاون في مجال الفضاء من خلال الاستفادة من خبرة الهند في بناء وإطلاق الأقمار الصناعية وتطبيقات تكنولوجيا الفضاء.
– التأكيد على أهمية التعاون الدفاعي في تعزيز الشراكة الثنائية، والتركيز على تعميق التعاون بين الصناعات الدفاعية في البلدين واستكشاف مُبادرات جديدة لتكثيف التعاون العسكري، وزيادة التدريبات العسكرية، وتبادل أفضل المُمارسات.
– الترحيب بتوسيع الاستثمارات الهندية في مصر والتي تزيد حاليًّا عن 3.15 مليارات دولار أمريكي، و تشجيع الشركات في دولتيهما على استكشاف الفرص الاقتصادية والاستثمارية الناشئة.. وغير ذلك الكثير من أوجه التعاون الأخرى.
ووفقاً لتقارير مجلس الوزراء المصري، بلغ حجم التجارة بين مصر والهند خلال العام المالي 2021/ 2022، نحو 7.26 مليار دولار، بزيادة قدرت بنحو 75 بالمائة عن العام المالي 2020/ 2021.
كما بين تقرير الوزراء أن حجم الصادرات المصرية إلى الهند بلغت نحو 3.52 مليار دولار بزيادة قدرها 86 بالمائة عن العام المالي 2020/ 2021، و3.74 مليار دولار حجم واردات مصر من الهند، بزيادة قدرها 65 بالمائة عن العام المالي 2020/ 2021، إضافة إلى أن الزيوت المعدنية والأسمدة والكيماويات غير العضوية والقطنيات كانت من أهم الصادرات المصرية إلى الهند، بينما كانت اللحوم والحديد والصلب والمركبات الخفيفة والغزل القطني أهم صادرات الهند إلى مصر.
كما وبلغ عدد الشركات الهندية في مصر بلغ أكثر من 50 شركة بإجمالي استثمارات بلغت 3.15 مليار دولار في مجالات عديدة، وتوفر نحو 35 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة. ولفت معلومات الوزراء إلى أنه جاء على رأس هذه الشركات شركة تي سي آي سانمار بأكبر استثمار بقيمة 1.5 مليار دولار تليها الإسكندرية كربون بلاك وكيرلوسكار ودابر الهند وفليكس بي فيلمز ودهانات سكيب ومجموعة جودريج ومجموعة ماهيندرا ومونجيني.
وفي سياق متصل مثلت دعوة الهند لمصر لتكون ضيف شرف “قمة مجموعة العشرين”، التى ترأسها الهند فى الدورة الحالية لعام 2023، انعكاساً كبيراً أظهر متانه العلاقات بين البلدين، وهناك العديد من حركات التجارة التبادلية المصرية الهندية، وهو الأمر الذى يجعل من التجارة بين مصر والهند تتسم بطابع خاص.